ديمقراطية الإنترنت في حياة الرؤساء العرب
الديوان - د. نبيلة عبد الشافي
قال فيدل كاسترو في إحدى المناسبات أن الاشتراكية في دول وسط أوربا فشلت لان الشعب حصل على معلومات أكثر مما يجب. ويدل ذلك على أن كاسترو قد فهم قوة المعلومات فهما تاما. لقد أصبحت شبكة الانترنت أداة لتحقيق المساواة بين الأفراد.
إن كلا من الأسواق والديمقراطية يتطلب المنافسة التي تعتمد بدورها على المساواة في الحصول على الفرصة. وفى نهاية القرن العشرين لا يمكن أن تكون تلك الفرصة حقيقية بدون سهولة الحصول على المعلومات فماذا عن عالمنا العربي؟.
أصبحت أسرار زعمائنا العرب الراحلين متاحة، وبين أيادينا بفضل بعض المواقع التي تبوح عن المسكوت عنه عبر عقود .. حقا أبهرتنا المواد الفيلمية والوثائق والصور النادرة والخطابات السرية المتاحة على هذه المواقع مثل:
موقع الرئيس جمال عبد الناصر:
nasser.bibalex.org
وموقع الملك فهد:
www.kingfahd-binabdulaziz.org...وموقع الرئيس السادات
anwarelsadat.com)..
وموقع الملك حسين:
www.kinghussein.gov.joومع هذه المتعة والشفافية في تصفح مواقع رموزنا تنطلق أسئلة الجماهير المتابعين لصيحات ديمقراطية الإنترنت: هل ستظل مواقع الرؤساء العرب التي تتفاعل مع الشعوب محصورة في الرؤساء الراحلين.. وماذا عن الرؤساء الحاليين أليس من حق شعوبهم أن يعرفوا خطواتهم أو أن تكون معلومات الرئيس متاحة على الشبكة.. وإذا كانت معرفة رقم محمول الرئيس من القضايا المخابراتية الحساسة، أليس من حق الشعب أن يمتلك ايميل الرئيس الشخصي..
ويذكر أن كلينتون سابقا وأوباما حاليا يمتلكان مدونات وصفحات على الفيس بوك وقناة على اليوتيوب وموقعا تفاعليا لتقبل الشكاوى لتوضيح الآراء، إضافة إلى إيميل شخصي (بريد الكتروني) وآخر رئاسي يرد فيه على شعبه وبنفسه بين فترة وأخرى.
وبدأ الرئيس الأوزباكستاني إسلام كريموف منذ شهر يونيو 2007 في استقبال إيميلات شعبه وبعد الانتقاء اختار أن يقابلهم شهرياً ليرد على 30 منهم.
ومؤخرا التهبت الأحاديث في المدونات المصرية، وثار جدل كبير حول أحد التعليقات التي تم التوقيع عليها باسم (أحمد نظيف رئيس الوزراء المصري)، لم يصدق المدونون أن أنامل رئيس الوزراء المصري تابعتهم وعلقت على همومهم، على الرغم من أن التعليق كان واضحا فيه اللهجة الحكومية الرسمية ، جاء الخبر اليقين بلسان الدكتور أحمد نظيف أن ما كتب من تعليقات هو من إمضائه شخصيا، وهو ما قطع الشك باليقين،
وأكد تحليل البعض أن لهجة الكتابة فعلا لهجة الدكتور نظيف.
واقع الأمر أن تلك البلبلة لمشاركة مسئول سياسي كبير للتدوين والكتابة الاجتماعية الشبكية التي يعشقها أكثر من 60 % من الشعوب العربية ليست الأولى، فقد سبقت هذه الواقعة، واقعة مشابهة إلا أنها تختلف عن هذه الواقعة بأنها مازالت غامضة الى الآن، فمنذ أربع سنوات انطلقت مدونة على الإنترنت باسم «الوريث» وبإمضاء جمال مبارك ، لكن معظم التحليلات اتجهت إلى أنها ليست لجمال مبارك رغم ما عرف عن نجل الرئيس مبارك من عشقه للتكنولوجيا والإنترنت، وما زاد من الشكوك أن جمال مبارك لم يؤكد ولم ينف.
من جهة أخرى يشير بعض المراقبين إلى أن الملك عبد الله وبعض كبار المسئولين الأردنيين يملكون مدونات ويقومون بفعل التدوين بأناملهم، لكن تلك المدونات لا تنشر على الانترنت خوفا من القيل والقال ، إلا أنها تنشر عبر شبكة «انترنت» داخلية وليست "انترنت" عادية كالتي نشاهدها.
فمتى نستطيع كشعوب عربية أن نتحدث ونتشارك ونتشابك مع الرئيس في همومنا ؟
إذا قمنا بقراءة متأنية وتحليلية لمواقع الحكام العرب على الإنترنت التي ينطبق عليها وصف التفاعلية والتشاركية مع الشعب والتي تضيف بعدا إفصاحيا وديمقراطيا وإصلاحيا فسنجد أن خير من يطبق هذا المبدأ ويقوم بالرد بنفسه على مشاكل الناس عبر بريده الإلكتروني هو
موقع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم
sheikhmohammed.co.ae
حيث أن الموقع يوضح بعدة إشارات أفكار محمد بن راشد في أن التكنولوجيا هي أداة لتنمية مجتمعة، كما أن الموقع يخاطب العالم أيضاً بلغاته الست: (العربية، الإسبانية الفرنسية، الألمانية، الصينية والإنجليزية).. مع العلم الإنجليزية هي اللغة الرئيسة له وهي تعكس الواقع الاجتماعي والتجاري للتعاملات في مدينة دبي.
موقع العقيد معمر القذافي وهو بتسع لغات تحت عنوان القذافي يتحدث
www.algathafi.org.يتضمن الموقع أيضا كل خطابات القذافي وآرائه الخارجية حول المشكلة الكورية وقمة الأرض والأسلحة البيولوجية والتسجيلات المسموعة والمرئية للرئيس الليبي ويضم الموقع أيضا منتدي ووسيلة للتواصل (اتصل بنا)
ولكن ما الجدوى من كل هذا طالما أن الرئيس لا يرد بنفسه على إيميلات المواطنين على الرغم من تميز موقع الرئيس القذافي من بين مواقع الرؤساء العرب.
ايميل القذافي
mouamermohamed@rocketmail.comموقع الملك محمد السادس
www.cinquantenaire.maحيث يتميز عن مواقع سائر الرؤساء بالإضافة لوجود الموقع باللغة العربية والفرنسية هو توجهه لأطفال المغرب بوجود نسخة موجهة للأطفال تتكون من رسومات «ستريبس» أي لوحات مرسومة على هيئة قصص أطفال تتحدث عن تاريخ المغرب مع الاستقلال بعودة الملك محمد الخامس من المنفي وإعلانه الاستقلال مرورا بمرحلة الملك الحسن الثاني..
إلا أن ما يعيب فقط هذه الطريقة الذكية هو أن الرسومات باللغة الفرنسية فقط، على أي حال يضم الموقع ألبوم صور ومواد سمعية وبصرية للملك محمد السادس ويفرد صفحات إلكترونية لوالده الحسن الثاني وجده الملك محمد الخامس وأيضا هناك خانة للاتصال المباشر بالملك، وهو ما يعني توجها ضمنيا للشفافية مع المجتمع.
موقع الملك عبد الله الثاني
http://www.kingabdullah.joوهو باللغتين العربية والانجليزية و لا يضيف الموقع جديداً إلا أرشفة لحوارات وخطابات الملك وأمور الديوان الملكي أي أن خدمة موقعه لم تضف جديدا للشعب.
موقع الرئيس اليمني على عبد الله صالح
http://www.presidentsaleh.govالموقع باللغتين الانجليزية والعربية وهو موقع إخباري لا يتيح الموقع تلقى رسائل الشعب
موقع السلطان قابوس
http://oman-qaboos.netانطلق مع نهاية العام 2008 بسبع لغات هو من أواخر مواقع الرؤساء العرب المطروحة على الشبكة، ومع ذلك فهو غير تفاعلي وإذا دخلت عليه لن تجد سوى سيرة مختصرة عليها صورة نادرة للسلطان وهو طفل صغير!
نجد حتى الآن أن قلة من الزعماء العرب هي التي تمتلك مواقع خاصة على الانترنت تتفاعل وتتشارك بها مع الشعب وتتلقى بها رسائلهم الإلكترونية وتكون بمثابة المكفر عن ذنب الإعلام الحكومي القاتل بأساليبه التقليدية من جهة أخرى نجد ثلة من الرؤساء العرب لا يمتلكون إلا صفحات إلكترونية فقط دون موقع خاص على الانترنت بما يعني أنه تابع لموقع الدولة أو الحكومة وهو ما يعني عدم الاستفادة من ديمقراطية الانترنت أو حتى من توسيع فكرة وصول الحاكم إلى الشعب ولو بنقرة!
قصة موقع الرئيس بشار الأسد
يبدو أنه تم اختطاف موقعه من قبل الهاكرز فعند النقر على اسم موقعه
www.basharalassad.comلاتجد أي وصلة أو كلمة لا عن ولا من الرئيس ولكن تجد نفسك تذهب لمواقع تجارية...»لقد تم اختطاف موقع الرئيس الأسد»..
ويعيد ذلك للأذهان قصة تعرض قرينة الرئيس السوري بشار الأسد (أسماء الأسد) لمحاولات الاختراق بحسب صحيفة الصنداى تايمز البريطانية أبلغ دليل على خوف الرؤساء وكبار المسئولين العرب من التعامل كمواطنين وكمستخدمين عاديين للإنترنت، فقد نقلت الصحيفة اعتراف مصادر استخباراتية إسرائيلية بأن بشار الأسد وزوجته، كانا هدفا ملحا لعملية تجسس. مشيرة إلى ولع الرئيس السوري بالكمبيوتر. ولمن لا يعلم فإن زوجة الرئيس السوري قد درست الكمبيوتر في «كينجز كوليدج» التابعة لجامعة لندن ويعرف عنها أنها تمضي الساعات في إجراء اتصالات مع أفراد أسرتها عبر الانترنت، لذلك علق مصدر عسكري إسرائيلي على هذا السلوك بقوله أن نساء القادة عادة ما يكن أهدافا سهلة لعمليات التجسس.
أكد المصدر للصحيفة حدوث عملية التجسس التي شملت رصد الرسائل الإلكترونية المتبادلة بين الرئيس السوري وزوجته. وجاء الكشف عن هذه العملية ضمن فضيحة التجسس التي شملت تنصت شركات عسكرية إسرائيلية كبرى على أسرار منافسين عبر البريد الالكتروني.
ويتوقع الخبراء ألا تكون أسماء الأسد أولى الضحايا ولا آخرهم إلا أنها كانت السبب في اكتشاف الواقعة! و اضطرار الجانب الإسرائيلي إلى الاعتراف سببه أن الرئيس بشار الأسد وزوجته لديهما من الخبرة ما يمكنهما من معرفة ما إذا كان قد جرى اختراق بريديهما أم لا، وهو ما كشفاه بنفسيهما!
وبعض الرؤساء يستخدمون مواقعهم الالكترونية بطريقة التوجيه.. عند اللزوم لاسيما أيام الانتخابات الرئاسية فقط.. مثل موقع الحملة الانتخابية للرئيس زين العابدين بن على
www.benali2004.tnفلا تجد أي معلومة إضافية عن الرئيس منذ 2004 فقد أدي الموقع غرضه الانتخابي.. وربما تم أخيراً فقط الاهتمام بالموقع الرئاسي للدولة لكن دون تفاعلية
www.carthage.tn/ar.
وكذلك الرئيس مبارك الذي كان دشن موقعه الانتخابي الأول عام 2005 كموقع خاص بفكره الانتخابي وألان هناك موقع للرئاسة هو
www.presidency.gov.egيتحدث عن أخبار الرئيس دون تفاعلية مع الشعب ودون استفادة قصوي من فائدة الانترنت في التواصل بين الحاكم والشعب حتى أن البريد الإلكتروني يبدو ممتلئا دائما ولا يستقبل رسائل جديدة عبر:
webmaster@presidency.gov.egأي انك لا تستطيع الوصول أو التحدث إلى الرئيس حتى عبر الايميل !! فهل من حق المواطن العربي في عصر ثورة الاتصالات والمعلومات أن يشتكي وضعه لحكامه عبر رسالة الكترونية على الأقل.. وكيف ذلك وجل الرؤساء العرب لا يمتلكون موقعا اليكترونيا أو بريدا اليكترونيا واضحا... ومن يمتلك منهم بريدا أو موقعا فهو ليس تفاعليا على ما يبدو.. ولماذا يفوت الحكام هذه الفرصة الثمينة لدحر شائعات الفساد والبيروقراطية والانتهازية.. وذلك عبر اقامة حوار مع الشعب عبر منتدى إليكتروني خاص بكل رئيس.. انها حكمة الرؤساء التي لم نفهمها بعد!.